حكاية رجال ثلاثة
في بلاد الإنكليز مدينة اسمها "جتام" وسكّانها العائشون فيها ذوو آراء وأفكار غريبة عجيبة ونوادر مضحكة. ففي ذات يوم مثلًا التقى رجلان منهم على قنطرة للعبور، أحدهم يسمى "هُدجٌ" والآخر يدعى "بطرس"، الأوّل كان عائدًا من السوق بينما الثاني كان ذاهبًا إليه.
قال "هدج" "لبطرس":
- إلى أين أنت ذاهب يا هذا؟
فأجابه "بطرس":
- أنا ذاهب إلى سوق المدينة لأبتاع غنمًا.
- لتبتاع غنمًا؟! وأين هي الطريق التي سوف تسلكها لتعود بالغنم إلى البيت؟
- طريق الغنم هي هذه القنطرة التي نقف فوقها وعليها سوف تمرّ خرافي.
- لا لا لن تفعل ذلك!
- نعم سأفعل ذلك!
- لن تستطيع ذلك!
- نعم سوف أستطيعه!
ثمّ أخذ كلّ منهما يضرب الأرض بعصاه وكان بينهما مئة رأس من الغنم. فصاح "بطرس":
- انتبه واعلم وتأكّد أنّ خرافي سوف تمرّ فوق هذا المعبر بدون جمز وقفز.
فقال "هدج" وقد انتفخت أوداجه وتورّدت وجنتاه:
- أنا لا أبالي بقفز غنمك وجمزها إنّما خرافك لن تمرّ فوق هذا المعبر!
- نعم سوف تمرّ وتعبر!
- احذر أن تفوه ببنت شفه أخرى بعد، وإن نبست بكلمة أخرى وضعت أصابعي في فيك!
- أحقًا تعمل هذا؟!
وفي تلك الأثناء وفيما هما على هذه الحال مرّ بهما رجل من "جتام" آيبًا من السوق، وهو يقود حصانًا محمّلًا كيسًا من الدقيق فسمع جاريه يتجادلان ويتشاحنان في شأن الغنم ومرورها فوق الجسر، ولكن بدون أن يرى أثرًا للغنم. فوقف وأخذ يكلّمهما قائلًا:
- أيّها الرجلان الغبيّان! إنّ أمركما عجيب؛ ويبدو أنّكما لم تتعلّما الحكمة ولن تتعلّماها أبدًا! تعال يا بطرس وساعدني لأضع كيسي على كتفي! فانصاع بطرس لما أمر به، ووضع الرجل الثالث الكيس على حافة القنطرة وفاه بما يأتي:
- انظرا إليّ الآن وتعلّما أمثولة ممّا أفعل.
ثمّ فتح فوهة الكيس وأفرغ الدقيق في النهر قائلًا:
- أيّها الجاران هل بإمكانكما أن تخبراني كم بقي من الطحين في هذا الكيس!
فصاح "بطرس" و "هدج" معًا: لقد فرغ ولم يبق فيه ذرّة من الطحين.
فجاوبهما الرجل عندئذ قائلًا:
- أنتما مصيبان ووقوفكما في هذا المكان وخصومتكما الجوفاء لدليل على أنّ رأسيكما فارغان من العقل فروغ هذا الكيس من الدقيق!
ترجمة يوسف س. نويهض