مناظرة
بين النحلة والذبابة
في أحد الأيّام أبصرت نحلة ذبابة تحوم بالقرب من قفيرها فقالت لها مغضبة حانقة: ماذا تصنعين هنا، يا ذات الجناحين، وما شأنك مع ملكات الفضاء وتدخّلك معهنّ؟! الحقّ أقول لكِ يا فضوليّة إنّه ليس في المخلوقات الحيّة ما هو أعقل منّا وأحكم، إنّ لنا مملكة جمهوريّة تنظّم علاقاتنا، يحرسها جند منّا تمنع الفوضى فيما بيننا فلا نحلة تعتدي على أختها، نعمل بجدّ وبدون كلل أو ملل، لا نتغذّى بسوى عصير زهر طيّب عطر الشذا، نجني منه عسلًا شهيًّا يعدل الكوثر، يشفي العليل من بني البشر، أمّا أنتِ أيّتها الذبابة الحقيرة الفقيرة المزعجة، فلا عمل لك غير الطنين والسعي للعيش في النفايات العفنة والفضلات القذرة التي تشمئزّ من رؤيتها العين!
ما إن سمعت الذبابة هذا القول المثير للحسّ حتّى جاوبتها بجرأة قائلة: إنّ الفقر ليس عيبًا أيّتها النحلة المستكبرة، إنّما الغيظ عيب كبير، لا بالأحرى رذيلة! حقًا أنتِ تجنين من الزهر شهدًا حلوًا شهيًّا ولكنّ قلبك دائم المرارة أسود خبيث، فأنت وأخواتك عاقلات وحكيمات في قوانينكنّ الجمهوريّة، إنّما حياتكم مشوبة باضطراب وهياج مستمرّين، ولسعكنّ الأعداء، حين استشاظة غضبكنّ، يُسبّب موتكنّ، وتتأذّين بقساوتكنّ الهوجاءِ أكثر من إيذائكنّ الآخرين!
ترجمة يوسف س. نويهض
عن الأديب الفرنسي "فينلون" " feinelo" - بتصرّف -