الدَّبكة
(ألّفها الكاتب لتلاميذه في الصفّ الخامس الابتدائيّ)
في بلادنا رقصة بلديّة جميلة تسمّى "الدَّبكة"، يؤثرها القرويّون على سائر الرقصات، وأكثر ما تراهم يرقصونها في الأعياد والأعراس؛ ففي عشيّة يوم العرس يدعو العروس أهالي القرية إلى حفلةٍ، فيلبّي المدعوون الدعوة ويرتدون أحسن ملابسهم ويأتون شبّانًا وشيبًا، وأحيانًا تأتي الصبايا للتفرّج على الحفلة.
وعندما يكتمل الحفل ينهض الشبّان بألوان أكسيتهم المتنوّعة، ويحسرون عن رؤوسهم حتّى لا تهوى قَلانسهم إلى الأرض، ويقفون في فسحة مستديرة في وسط الجماهير، ويتماسكون بالأيدي، ويؤلّفون حلقة مفتوحة من الراقصين، وفي بعض الأماكن تشترك الفتيات بالرقص، ويمسك أحدهم بذيل فوطة ملوّنة يلاعبها في الهواء بإحدى يديه، ويدير حركة الدّبكة ويبدأ بالغناء، وإذا ما انتهى من بيت الشعر ردّده رفاقه فيسمع له نَغَم مطرب؛ وفي الوقت ذاته يبدأ الرقص بحركات متّزنة متناسقة، فترى أجساد الرُقَّاص تتمايل ذات اليمين وذات اليسار، وتهوى إلى الأمام ثمّ إلى الوراء. أمّا الأرجل فاليمنى تتقدّم ضاربة الأرض، بينما تتراجع اليسرى منها، ثمّ ينعكس الأمر فتتقدّم الأخيرة وتتأخّر الأولى، والرِّكب تُطوى ثمّ تعتدل، والأصوات تتعالى والمتفرّجون، تتقدّمهم العروس، مبتهجون؛ وتظل الدّبكة دائرة حتّى ينصبّ العرق من جباه الراقصين عندئذٍ يذهب كلّ إلى مكانه يتناول الحلوى ومشروب الفرحة، وتتألّف على الأثر حلقة أخرى لمتابعة الرقص وتسلية العروس والحاضرين. وتبقى الحلقات تتألّف هكذا الوَاحدة تلو الأخرى حتّى نهاية السهرة حيث ينصرف كلّ إلى بيته قائلًا: "العقبى للعزَّاب".
يوسف س. نويهض