الأسواق
من عادات سكّان بعض المناطق اللبنانيّة، أنّهم يُقيمون في قُراهم الكبيرة أو في أماكن معيّنةٍ أخرى، أسواقًا للبيع والشّراء وتبادل المنتجات الزراعيّة والصناعيّة.
وهذه الأسواق لا تقام في يوم واحدٍ، بل تُوزَّع على أيّام الأسبوع؛ وأكثر ما تكون هذه الأسواق في محافظتي الجنوب والبقاع. وهي عادة قديمة جدًا معروفة في سوريا وفرنسا وغيرهما من بلدان العالم وليست مختصّةً باللبنانيين دون غيرهم من الشعوب.
ففي يوم السوق، يأتي الفلّاحون من القرى المجاورة بمحاصيل أرضهم من حبوب مختلفة وخضر متنوعة؛ ويحمل أصحاب الصناعات مصنوعاتهم، ومالكو الأغنام والماعز والبقر والخيل والبغال والحمير والجمال وغيرها من الماشية، يسوقون مواشيهم، ويمضون بها إلى السوق ليعرضوها للبيع والمقايضة. وجميع الأصناف تُعرض في الهواء الطلق وفي محلاّتٍ معدّةٍ لهذا الغرض. وكلّ صنف له محلّ خاصّ به، وفي هذا اليوم، يأتي الشارون والبائعون من كلّ صوب. فترى مكان السوق غاصًّا بالناس كأنّه سوق التموين في المدن الكبيرة.
وإذا ما انتهى الناس من شراء حاجاتهم أو بيعها، انصرف كلٌّ إلى قريته إمّا محمَّلًا على دابّةٍ ما بقى له من البضائع الكاسدة أو حاملًا على ظهره ما ابتاعهُ من تلك السوق.
وإن مررت بذلك المكان بعد الظهر، أو أي يوم آخر من أيام الأسبوع، رأيته خاويًا خاليًا لا أنيس فيه ولا جليس ولا حسَّ ولا حسيس.
يوسف س. نويهض