الحصّاد

   يُستحصد الزرع من قمح وشعير، في أيّام الصيف، ويصفرّ ورقه وتيبس سنابله؛ عندئذ يحمل الحصّادون مناجلهم ويقصدون حقول القمح الفسيحة لحصدها. وأكثر ما يحصدون عند الفجر، قبل طلوع الشمس وهجوم الحرّ، إذ يوفّر عليهم هذا الغدو تعبًا، لأنّ الحصاد عمل شاقّ لا يتحمّله إلّا ذوو الأجسام القويّة المرتاضة على الجَلَد وتحمّل المشقّات والخشونة.

   ينحني الحصّاد إلى الأمام في شكل نصف دائرة ويمسك بيده اليسرى شميلة الزرع ويتناول باليمنى منجله أو حالوشه الماضية، ويقطع القشّ من أسفل سوقه؛ وإذا ما انتهى، وضع ما قطع بجانبه وعاد إلى الحصد حتّى يجمع غُمْرًا كبيرًا، ويظلّ هكذا قسمًا من النهار حتّى تمتلىء الحقول أغمارًا، فيأتي الرجّاءون1 ويحزمون القشّ المجمّع حزمًا وينقلونها على ظهورهم أو دوابهم أو عجلاتهم إلى البيادر لتُدْرَس عليها.

   والحصّاد قلّما يحصد زرعه منفردًا، بل يجتمع وعدة حصّادين فيقومون متشاركين بعمل الحصْد ويغنّون الأغاني البلديّة حتّى يتسلّوا ويهوّنوا عليهم هذا الشغل العسير الذي ينهك الظهر ويتعب اليد، ويجعل لون الوجه نحاسيًّا كثير السمرة من جرّاء شعاع الشمس اللّاذعة.

                                            يوسف س. نويهض  


1 - الرجّاء: من رجّ أي حرّك وهزّ بشدّة.