أهمّيّة المعلّم في نشر مبادىء الأمم المتّحدة
لا شكّ في أنّ الدعاية لمبادىء الأمم المتّحدة عن طريق المعلّم هي من أفضل الوسائل لنشر تلك المبادىء.
إنّها بطيئة حقًا ولكنّها أكيدة وناجعة، فبنات وأبناء أي شعب من الشعوب في هذا العصر الذي بات فيه العلم شائعًا عامًّا ينخرطون جميعًا في سلك التتلمذ ويتتلمذون جميعًا للمعلّم، فينطبع في أذهانهم ما يلقنّهم إيّاه من علوم وأصول ومبادىء وحقائق، فإذا ما اقتنع هو من نفسه بصحّة مبادىء الأمم المتّحدة وآمن بها فيصير تفهيمهم إيّاها سهلًا عليه، لأنّها تكون عندئذ صادرة عن قلبه لا عن لسانه فقط وما صدر عن القلب يدخل إلى القلب.
ولكي يؤمن المعلّم بهذه المبادىء الإنسانيّة ويعمل بموجبها بحرارة وعقيدة ويبثّها بين تلاميذه وتلميذاته ويزرع فيهم روح التفاهم الدوليّ والمحبّة الإنسانيّة يجب أن يتلمّس تلك الروح نفسها ويحسّ بتلك المحبّة تنبعث عن الوسط الذي يعلّم فيه، وذلك بأن يتفهّم عمله الشاقّ البنّاء ويقدّر ويعامل معاملة الإنسان ذي الكرامة، لا أن يهمل كما هي حاله اليوم عندنا، فلا مرتّب يكفي حاجاته الضروريّة وليس له، على الغالب، أي ضمانة لمستقبله ومستقبل عياله تبعد عنه غائلة الوساوس، ليس للمعلّمين والمعلّمات في لبنان نادٍ أو دار يستطيعون الاجتماع فيه للتعاون والتفاهم. فإذا كانت هذه حالهم فهل من المعقول أن يكونوا جميعهم مخلصين في غرس بذور التفاهم العالميّ بين تلاميذهم، وهم على ما ذكرت من سوء الحال المعنويّة والماديّة وانعدام التفاهم فيما بينهم.
إنّني حبًّا بنشر مبادىء الأمم المتّحدة التي أدين بها وأبشّر، أرجو من حضرة المشرفين على حلقة الدراسات في التعليم المتعلّق في الأمم المتّحدة الذين يبذلون جهودًا مشكورة لنشر تلك المبادىء السامية، أن يتفضّلوا بتوصية ذوي الشأن هنا وفي البلدان الشقيقة المجاورة لإبعاد شبح العوز والخوف عن المعلّم، برفع مستواه الماديّ وضمانة مستقبله؛ وذلك في اعتقادي حافز مهمّ له على نشر مبادىء الأمم المتّحدة الرفيعة بحماس بين تلاميذه وفي المحيط الذي يعيش فيه.
الأستاذ يوسف س. نويهض
الكلّية العلمانيّة الفرنسيّة
بيروت