العاج

   لا يُخفى أنّ العاج من أثمن الموادّ المستعملة في الصناعة وهو قديم الاستعمال من عهد بعيد، وكان الأوّلون ينحتون منه تماثيل آلهتهم ويتّخذون منه ضروبًا من الحلي كالخواتم والدمالج ممّا لا يزال يرى إلى يومنا هذا عند سكّان الشواطئ الشرقيّة من أفريقيا.

   وقد وجد منه في مدافن المصريّين واليهود أدوات محكمة الصنعة من أقدم عهد، وكان الإسرائيليّيون يزيّنون به أثاثهم وأبنيتهم كما ورد ذلك غير مرّة في التوراة، ولا يزال استعماله جاريًا إلى اليوم في المصنوعات النفيسة في أكثر أنحاء الأرض.

   والعاج يتّخذ من أنياب الفيلة، وأفضله العاج الإفريقيّ وهو أصلب أصنافه وأوزنها وأنعمها، إلّا أنّ العاج السياميّ يمتاز عليه وعلى سائر أصناف العاج بأنّه لا يصفرّ على تقادم العهد. أمّا العاج الهنديّ فأفضله السيلانيّ ولونه أبيض إلى الحمرة وهو ألين من العاج الإفريقيّ.

   ثمّ إنّ العاج أنواع  منها الأبيض وهو أشهره وأعرفه، ومنها الأخضر وهو يؤخذ من بعض الأنياب الحديثة إذا نشرت طولًا فإنّه يوجد فيها أجزاء شفّافة تضرب إلى اللون الزيتونيّ، ولذلك تسمّى بالعاج الأخضر، وهو يؤثّر كثيرًا في عمل المصنوعات الدقيقة لما فيه من اللين وسهولة النحت والحفر، وهو يبقى كذلك إلى حين، ثمّ يتصلّب ويتغيّر لونه فيصير ناصع البياض ولا يصفرّ بملامسة الهواء. ومنها العاج الأزرق وهو المتّخذ من الأنياب المتحجّرة ويكون على الغالب من أنياب المأموث1 وأكثر ما يوجد في الأراضي الروسيّة وما فيه من الزرقة مكتسب من بعض الأملاح المعدنيّة في جوف الأرض.

 

- المأموث: حيوان منقرض يشبه الفيل.1